“الأشياء التي تَبعث على الضحك ليست مُسلية دائماً، أحياناً تتنكر خيباتُنا في هيئة نُكتة” .. غادة السمان ..!
هنالك نكتة تقول إن امرأةً قد استبد بها الغضب من سوء معاملة أهل زوجها في غيابه، فطلبت الطلاق من شقيقه الذي استجاب لها على الفور قائلاً “أنت طالق بالثلاثة”..!
ومبعث كونها نكتة هو انعدام العلاقة التعاقدية بين الطالب والمطلوب، وعليه فعندما يقوم المستمع بفك شفرة المفارقة يتحقق الضحك باعتبار أن طلب الزوجة عبث لا يفوقه في عبثيته إلا استجابة شقيق الزوج “سيد الجلد والرأس” الغائب عن مسرح الحدث نفسه..!
إنما لو كان الزوج قد أوكل إلى شقيقه أمر الطلاق لانتفى سبب الضحك ولما قامت لتلك النكتة قائمة من أساسه، باعتبار أن الفقهاء قد جوَّزوا التوكيل في الزواج والطلاق والخلع والرجعة..!
لكن معظم النكات – بطبيعة الحال – ما هي إلا عصف ذهني إبداعي تنتجه أفكار لها سيقان تسير على أرض الواقع، وتتغذى في طرافتها على وقوفها أمام غرابة بعض المضحوك منه في سلوك بعض البشر الخطائين، ومواقفهم التي تمتلئ حيرةً وتناقضاً وعناداً، وجهلاً حيناً، وجهالة أحياناً، ثم تفيض وتفيض، فيكوِّن ذلك الفائض عنها هو “شر البلية” الذي يُضحك..!
إذن شفرة المفارقة – في تلك النكتة – كانت تقديم طلب عاجل إلى غير جهة الاختصاص، وقيام تلك الجهة غير المختصة بالتصرف وفقاً لذلك الافتراض. وإذا أخضعنا هذه المسألة لبعض القياس سنجد أنها تنطبق على الكثير من صور معاملاتنا العامة والخاصة، وهي إحدى ملامح العشوائية التي ابتلينا بها حكومة وشعباً ..!
نكتة أخرى من أرض هذا الواقع تقول إن مجموعة السياسيين المتحالفين مع مليشيا الدعم السريع – في مشروعها التهجيري الاستيطاني – باسم “تقدم” قد اختلفوا مع رئيس تحالفهم “د. عبد الله حمدوك” لأنه قد قام بتفويض نفسه لتوقيع اتفاقين منفصلين بالإنابة عنهم..!
إذ وعلى طريقة “أنت طالق” في النكتة أعلاه قام السيد “حمدوك” بالاتفاق مع قائد الحركة الشعبية شمال “عبد العزيز الحلو” بصفته رئيساً لتحالف “تقدم”، والاتفاق مع قائد حركة تحرير السودان “عبد الواحد نور” بصفته “رئيس الوزراء السابق” لجمهورية سودان ما قبل الحرب – قام بالاتفاق – على تطليق الشعب السوداني لدينه وعلى تطليقه لبعض أجزاء سودانه التي كانت لنا وطن..!
وحتى تكتمل المهزلة اتفق السيد “حمدوك” بالإنابة عنك وعنه وعنها وعني بلا تفويض من الكيان الذي يرأسه هو والذي يدعي أنه يمثلك ويمثله ويمثلها وتمثلني. أي أن “تقدم” التي لم يفوضها الشعب هي بدورها لم تفوض “حمدوك”..!
أما نكتة الموسم الزراعي لهذا العام فقد كانت كلمة ممثل المزارعين الذين لم يفوضوه، والتي قاطعها الحضور عندما تجرأ الرجل على الإشارة إلى انتهاكات الدعم السريع في منطقة الجزيرة، فبهت وتلعثم وأعلن تراجعه عن تسمية أي جهة قبل أن يؤمِّن على حديث الحضور عن انتهاكات الجيش..!
اللهم إننا نفوض أمرنا إليك وحدك، فلك الحمد وإليك المشتكى، وأنت المستعان، وعليك البلاغ، ولا حول ولا قوة إلا بك!.
munaabuzaid2@gmail.com